إدمان الجنس ليس شهوة زائدة، بل اضطراب نفسي عميق يفقد فيه الإنسان السيطرة على سلوكه الجنسي، ويستخدم الجنس كوسيلة قهرية للهروب من الألم، الوحدة، القلق، أو الفراغ الداخلي. المدمن لا يبحث عن المتعة، بل عن لحظة تخدير مؤقتة لمشاعر لا يستطيع مواجهتها.
إدمان الجنس قد يظهر في صور متعددة، مثل العلاقات المتكررة، السلوكيات الجنسية القهرية، الاستهلاك المفرط للمحتوى الإباحي، أو البحث الدائم عن إثارة جديدة مهما كانت العواقب.
إدمان الجنس يعتمد على نفس دوائر الإدمان في المخ، حيث يؤدي التحفيز الجنسي المتكرر إلى إفرازات عالية من الدوبامين، ما يجعل المخ يطلب مزيدًا من الإثارة للوصول لنفس التأثير. مع الوقت، تقل الحساسية، ويحتاج المدمن إلى سلوكيات أكثر تطرفًا أو تكرارًا.
المخ يتعلم أن الجنس هو أسرع طريق للهروب من التوتر أو الألم، فيصبح السلوك قهريًا وغير خاضع للإرادة.
غالبًا ما يرتبط إدمان الجنس بصدمات نفسية سابقة، حرمان عاطفي، شعور عميق بعدم القيمة، أو اضطرابات في التعلق. الجنس هنا لا يكون تعبيرًا عن حب أو تواصل، بل محاولة لإثبات الذات أو ملء فراغ داخلي مؤلم.
كثير من المرضى يشعرون بالعار والذنب بعد السلوك، لكنهم يعودون إليه لأن الألم النفسي أقوى من قدرتهم على المقاومة.
نفسيًا، يعاني المدمن من تقلبات مزاجية حادة، قلق، اكتئاب، وشعور دائم بالانفصال عن الذات. سلوكيًا، قد يدخل في علاقات مدمرة، يخاطر بسمعته أو صحته، ويفقد قدرته على بناء علاقة مستقرة وآمنة.
العزلة تزداد، لأن المدمن يخجل من نفسه، لكنه في الوقت نفسه غير قادر على التوقف.
لأنه غالبًا ما يُفسَّر أخلاقيًا أو دينيًا فقط، بينما هو في حقيقته اضطراب نفسي وسلوكي يحتاج إلى علاج متخصص. اللوم والعقاب لا يعالجان الإدمان، بل يزيدان الشعور بالعار، وهو أحد أقوى محركات السلوك القهري.
في مركز طريق الشفا يتم تشخيص إدمان الجنس من خلال تقييم شامل لنمط السلوك، الدوافع النفسية، مستوى التحكم، وتأثير السلوك على الحياة اليومية. العلاج النفسي يركز على علاج الصدمات، تنظيم المشاعر، وبناء علاقة صحية مع الجسد والرغبة.
العلاج لا يهدف إلى قمع الرغبة، بل إلى استعادة السيطرة والوعي. يتعلم المريض الفرق بين الرغبة الطبيعية والسلوك القهري، وكيف يبني علاقات قائمة على الأمان والاحترام وليس الاستهلاك أو الهروب.
منع الانتكاس يعتمد على علاج الشعور بالفراغ، الوحدة، والضغط النفسي، وبناء نمط حياة متوازن يدمج الجسد، النفس، والعاطفة في إطار صحي ومستقر.